إشکاليات تحديد وصياغة المشکلة البحثية فى بحوث الإعلام بين النمطية والتجديد
ثمة تساؤلات مشروعة
تطرح نفسها بالحاح على کل من تعنيه مسألة تطوير البحث الإعلامى العربى ودفعه إلى
دائرة النهوض والابداع :
- هل مازلنا فى حاجة الى
رکام البحوث الکمية النمطية التى تعيد إنتاج
نفس الافتراضات والتصورات العلمية
وترسيخ حالة التبعية الأکاديمية ؟
- الى متى سنظل غائبين
عن ساحة الفکر الإعلامى الناقد ، ودائرة
التنظير الاعلامى قانعين بمحاولات
التوفيق والتلفيق بين واقعنا الاعلامى
المتأزم ونظريات الإعلام الغربية ؟
- ولماذا لم تسهم المؤسسات الأکاديمية الإعلامية العربية فى
تقديم مفکرين ونظريين امثال جمال حمدان ،و
مالک بن نبي وعابد الجابري وبرهان غليون ومحمد أرکون وأنور عبدالملک ، وحسن حنفى، وسيد ياسين ، وعادل حسين ، ونادر فرجانى ،
ونبيل على .
من الاهمية بمکان أن
نلتفت بوعى نقدى لما أنتجته المؤسسات
الأکاديمية الاعلامية العربية من بحوث
ودراسات تکاد تکون منعزلة عن سياق
التحديات المعلوماتية واحتکار التکتلات الاعلامية للشرکات متعددة الجنسيات ،
وسيطرة الدولة على منظومة الاعلام ، وطغيان العنف الترفيهى المغيب والمزيف للعقل
والضمير والوجدان .
ولنستعرض فى عجالة أربعة أوهام صدرتها ورسختها الابحاث
الاعلامية الغربية على مدى ما يزيد عن قرن کامل:
أولاً: وهم
القرية الکونية لمارشال ماکلوهان
وسقوط حواجز الزمان والمکان وتحقيق
العدالة والمساواة والتقارب بين
الأغنياء والفقراء لمجرد اجتماع مليارات المشاهدين لمتابعة الدورات الاوليمبية . وليتنا استوعبنا الدرس
وقت أن شاهدنا لحظة بلحظة سقوط بغداد وغزو
العراق وتدمير حضارته .
ثانياً: وهم اختراع ألمانيا
لحروف الطباعه المتحرکة قبل منتصف القرن
الخامس عشر ، فى حين ان العرب والصينين
اخترعوا الطباعة والورق قبل الغرب بأربعة
قرون ، الى ان دخلت تکنولوجيا الطباعة الغربية الى الحضارتين الغربية
والصينية فى القرن التاسع عشر کما لو أن الطباعه لم توجد من قبل قط (*)
ثالثاً: وهم ما يسمى بإقامة
نظام اعلامى عالمى جديد لتحقيق التوازن والعداله وکسر احتکار الدول
الکبرى لتشکيل أخبارنا وصورتنا وثقافتنا .
رابعاً: وهم الانترنت
کصانع الثورات ووسيط لاسقاط النظم
الديکتاتورية والاستبدادية لينتهى الحال بنا الى تهميش المجتمع المدنى والقنوع بمشارکة افتراضية لا تقدم أو تؤخر إزاء واقع مأزوم غير قابل
للتغيير .
والغريب أن تصدير مثل تلک الأوهام رافقته حملات ترهيب من مخاطر الفاشية والنازية والشيوعية وما يسمى بالارهاب الاسلامى ، الامر الذى يوضح التداخل بين العلم والثقافة ، وبين الخطاب العلمى وکل من الخطاب السياسي والاعلامى لخدمة مصالح العولمة بتجلياتها الجديدة .
للإطلاع والتحميل