المقابلة في البحث العلمي
تُعَد المقابلة في البحث العلمي
وسيلة أو طريقة لجمع المعلومات أو البيانات، كونها علاقة فنية بين الباحث وعينة البحث
يسودها الارتياح والثقة المتبادلة بهدف جمع المعلومات التي تساعد على تفسير وحل المشكلات،
وتعد المقابلة في البحث أداة مهمة لجمع المعلومات في الدراسات الاستطلاعية، كما تستخدم
في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والتربوية؛ وذلك من أجل الاستفادة بها في عمليات
الاستطلاع والتوجيه والتشخيص والعلاج.
تعريف المقابلة في البحث العلمي:
يمكن تعريف المقابلة في البحث العلمي
على أنها: محادثة بين القائم بالمقابلة والمستجوب، وذلك بغرض الحصول على معلومات من
المستجوب، بهدف الوصول إلى معلومات تعكس حقائق أو مواقف محددة يحتاج الباحث الوصول
إليها، فمن خلال إجراء بحث عن المقابلة يمكن تعريفها على أنها: الإدراك وفهم المستجيب
لما هو مطلوب منه فالقيام بمقابلة معينة يتطلب تبني المستجيب دورًا محددًا لا بد معه
أن يعرف ما هو متوقع منه في ذلك الدور.
يتضح لنا مما سبق أن المقابلة في البحث بمفهومها عبارة عن عملية تفاعل لفظي
بين القائم بالمقابلة والمبحوث، من أجل استثارة دوافعه للحصول على بعض المعلومات والتعبيرات
التي تتعلق بآرائه واتجاهاته ومعتقداته، ويمكن إجراء بحث حول المقابلة يساعد في التقويم
الناقد للبيانات والمعلومات التي يحصل عليها الباحث.
أنواع المقابلة في البحث العلمي:
قسم بعض الباحثين المقابلة في البحث العلمي إلى ثلاثة أنواع وهي: (المقابلات
المنظمة- والمقابلات شبه المنظمة- والمقابلات غير المنظمة) وهي كالتالي:
أولًا: المقابلات المنظمة:
هي أحد أنواع المقابلات في البحث العلمي التي تعتمد على استخدام الاستبيانات القائمة على عدد محدد من الأسئلة، والتي يتم إعدادها من جانب الباحث بصورة مسبقة.
ثانيًا: المقابلات شبه المنظمة:
هذا النوع من المقابلات يعتمد على مجموعة من الموضوعات التي من المفترض التطرق
إليها في صورة عدد من الأسئلة المقننة، إلا أن القائم بتلك المقابلات يمكنه حذف أو
إضافة عدد من الأسئلة، بناءً على طبيعة الموقف ومدى تدفق المحادثة والحوار بينه وبين
المستجيب، كذلك يعتبر هذا النوع من المقابلات أشهر وأكثر أنواع المقابلات انتشارًا
في البحث العلمي وبخاصة البحوث النوعية، ويرجع ذلك إلى المرونة التي تتمتع بها المقابلة،
والتي تُمَكِن الباحث من إضافة أو حذف بعض الأسئلة أثناء المقابلة.
ثالثًا: المقابلة غير المنظمة:
هي النوع الثالث من المقابلة في البحث العلمي، وهو يمثل عدد من النقاشات غير
الرسمية حيثما يسعى فيه القائم بالمقابلة إلى اكتشاف موضوع معين بشكل أكثر عمقًا مع
الشخص الذي يتم معه إجراء المقابلة بصورة عفوية أو تلقائية، وذلك لا يمنع وجود مجموعة
من الأسئلة أو الموضوعات المقرر المناقشة والحديث فيها تم إعدادها بصورة مسبقة.
خصائص المقابلة في البحث العلمي:
·
المقابل والمستجيب شخصان غريبان ومن هنا فإن على المقابل أن يقدم نفسه بطريقة
جيدة.
·
إن مفتاح المقابلة هو بناء علاقة جيدة ودافئة مع المستجيب، وهذه تتعلق بشخصية
المقابل وقدراته ومهاراته في خط مثل هذه العلاقة المبنية على الاحترام المتبادل والتقدير
والاهتمام.
·
المقابلة هي الحصول على استجابات شفوية لأسئلة شفوية.
·
المقابلة لا تقتصر على اللقاء وجهًا لوجه، إذ من الممكن إن تتم عن طريق التليفون.
·
لا تقتصر المقابلة على فرد واحد، إذ من الممكن أن تشمل الأسرة أحيانًا، أو مجموعة
من الأطفال وهذا يعتمد على طبيعة الدراسة.
·
المقابلة عملية تفاعلية بين المقابل والمستجيب وكيف يدرك كل منهما الآخر، فمظهر
المقابل، وتعبيرات وجهه، وطبيعة أسئلته تؤدي دورًا مهمًا في عملية التفاعل.
·
المقابلة ليست عملية مقننة بل هي عملية نفسية تتسم بالمرونة.
·
المقابلة لها غرض محدد واضح يسعى الباحث للوصول إليه.
عندما يتخذ الباحث قرار باستخدام المقابلة في البحث كأسلوب لجمع البيانات، يجب
عليه أن يتخذ عددًا من الخطوات، تتمثل هذه
الخطوات في الآتي:
أولًا: بناء جدول المقابلة:
في هذه الخطوة يضع الباحث جميع الأسئلة التي سيطرحها على المشاركين في البحث
مع تخصيص مساحة كافية تحت كل سؤال للإجابة التي سيقوم بتدوينها من أجل جمع البيانات.
يجب أن تكون الأسئلة ذات صلة وثيقة بأهداف الدراسة وأن يقوم بترتيبها ترتيبًا
منطقيًا مترابط يلتزم به أثناء الحوار مع المشارك.
في أغلب الأحيان يجب الالتزام بالأسئلة التي وضعها الباحث التزامًا تامًا، مع
إضافة بعض الأسئلة التي يمكن أن يصل من خلالها الباحث إلى معلومات أشمل وأعمق.
ثانيًا: التطبيق الاستطلاعي للمقابلة:
·
في هذه الخطوة يقوم الباحث بإجراء تطبيقًا استطلاعيًا للمقابلة على عينة مشابهة
تمامًا لعينة الدراسة، وفي ظروف لا تختلف عن ظروف البحث.
·
يتيح التطبيق الاستطلاعي للباحث اكتشاف الزمن الذي يستغرقه إجراء المقابلة،
وأي غموض محتمل في صياغة الأسئلة.
·
على الباحث أثناء التطبيق الاستطلاعي الالتفات إلى أي مؤشر يوحي بأن المشارك
لم يشعر بالراحة عند توجيه الأسئلة إليه، أو عدم فهمه للسؤال.
ثالثًا: اختيار العينة:
يجب على الباحث أن يختار العينة المشاركة في المقابلة وفقًا للمعايير الأكاديمية
المتبعة في البحث العلمي، والتي تضمن تمثيل العينة المختارة لمجتمع الدراسة، ليضمن الباحث الحصول على نتائج يمكن له تعميمها
على المجتمع ككل.
رابعًا: التمهيد للمقابلة:
بعد اختيار العينة يجب على الباحث أن يتصل مسبقًا مع الأشخاص الذين يتم اختيارهم
للمشاركة في البحث للحصول على موافقتهم لإجراء المقابلة، ومن ثم الاتفاق معهم على موعد
يناسب الطرفين لإجرائها والوصل إلى مكان المقابلة في الوقت المحدد دون أي تأخير.
خامسًا: تنفيذ المقابلة في البحث العلمي:
هي آخر خطوة من خطوات إجراء المقابلة ويجب على الباحث فيها أن يلتزم بمجموعة
من المعايير من أهمها:
·
الحفاظ على المظهر الخارجي له والالتزام بالمعايير الاجتماعية السائدة في ارتداء
الملابس المناسبة.
·
يجب على الباحث أن يكون ودودًا مؤدبًا ومسترخيًا لا مشدود الأعصاب، وأن يعبر
عن اهتمامه بمصلحة الشخص الذي يجري معه المقابلة.
·
قبل البدء في طرح الأسئلة يجب شرح أهداف البحث وكيف تمت عملية اختيار العينة،
ومن ثم يسأل المشارك عن أي استفسار يدور في ذهنه.
·
من الضروري طرح الأسئلة بطريقة طبيعية وبصوت واضح دون تعثر في اللفظ أو القراءة.
·
ضرورة إجراء تسجيل للإجابات إما من خلال الكتابة أو التسجيل الصوتي لها.
·
يجب على الباحث أن يفسح المجال للمشارك أن يجيب عن الأسئلة دون مقاطعة وأن لا
يحاول إكمال ما يقوله المشارك.
·
بعد الانتهاء من الإجابة عن جميع الأسئلة على الباحث أن يتيح المجال للمشارك
لإبداء رأيه أو أي مقترحات، وأن يتوجه بالشكر له على مشاركته في المقابلة وفي البحث
وعلى وقته.
المرجع:
مصطفى نمر .(2015). منهجية البحث
العلمي في التربية والعلوم الاجتماعية، دار غيداء للنشر والتوزيع
التعليقات
رد